« التدخل المبكر» ضرورة اجتماعية
واقتصادية لذوي الإعاقة
سلطان بن إبراهيم
العثمان*
يعد التدخل المبكر للأطفال الذين يعانون إعاقة
أو تأخر نمائي أو الذين لديهم قابلية للتأخر أو الإعاقة من أهم الأولويات التي
يلزم تقديمها مبكرا لهم لكونه يحتوي على إجراءات منظمة تهدف إلى تشجيع أقصى نمو
ممكن للأطفال دون سن ألسادسة ودعم الكفاية الوظيفية لآسرهم ومن ثم نحقق الهدف
النهائي للتدخل المبكر، وهو تطبيق استراتيجيات وخدمات وقائية لتقليل نسبة حدوث أو
درجة شدة ظروف الإعاقة أو العجز، وتلك الخدمات الوقائية إما أن تكون أولية أو
ثانوية وفي مجالات متنوعة سواء كانت طبية أو اجتماعية أو تربوية أو نفسيه بقيادة
فريق يضم عددا من الأخصائيين في مختلف التخصصات بحث يتعامل الفريق مع مشكلة الطفل
التي تعيقه من تحقيق ذاته أو إمكاناته في التكيف مع نفسه أو مع الآخرين من حوله
سواء كان ذلك على مستوى الأسرة أو المدرسة أو ألمجتمع ويؤدي هذا التدخل في النهاية
إلى اختفاء المشكلة أو التقليل من آثارها السليبة في حياة ألطفل وقد شهدت العقود
الماضية تطوير نماذج مختلفة لتقديم خدمات التدخل المبكر للمعوقين الصغار في السن
والأطفال الذين لديهم قابلية للإعاقة.
ولكل من هذه النماذج فوائد وإضرار كما أن بعضها
أكثر ملائمة وفائدة للعمل مع بعض الأطفال أو في بعض المجتمعات من النماذج ألأخرى
وبشكل عام فهناك العديد من الدراسات وكثير من المتخصصين في مجال الإعاقة يؤكدون
على ضرورة تقديم التدخل المبكر مبررين ذلك لعدة أسباب منه أن التعلم الإنساني في
السنوات المبكرة أسهل وأسرع من التعلم من أي مرحل عمرية أخرى والتأخير في معالجة
الضعف أو القصور في أحد جوانب النمو عند اكتشافه قد يقود إلى تدهور جوانب النمو
الأخرى المبكر ما يجعل الفروق بين المعوق وبين أقرانه غير المعوقين أكثر وضوحا،
كما أن النمو ليس نتاج البنية الوراثية فقط وإنما هو نتاج تفاعل البيئة مع شخصية
الطفل، إضافة إلى أن للتدخل المبكر جهد مثمر وذو جدوى اقتصادية حيث يقلل من
النفقات المالية المخصصة للبرامج التربوية الخاصة اللاحقة نظرا لخفة العجز واعتماد
المعوق على ذاته، ومن مبررات التدخل المبكر أيضاً أن والدي الطفل المعوق بحاجة إلى
مساعدة في المراحل الأولى لكي لا ترسخ لديهما أنماط تنشئة غير بناءة، كما يساعد
الوالدين وطفلهما المعوق في تجنب مواجهة صعوبات نفسية لاحقة تصل إلى مرحلة اليأس.
إن التدخل المبكر أولوية وطنية في كثير من دول العالم المتقدمة، وقد سنت بعض
حكومات تلك الدول تشريعات وقوانين تنص على أهمية اكتشاف مشاكل الأطفال ذوي الإعاقة
وعلاجها في وقت مبكر، ما يساعد بشكل مؤكد في اكتساب مختلف المفاهيم والمهارات
الضرورية - وذلك حسب حاجة كل طفل - التي تعكس احترام حقوقه وتساوي الفرص لديه
والعدالة الاجتماعية والمشاركة والاندماج في الحياة المجتمعية دون الإحساس
بالدونية والرفض والضعف.
_ مها منصور الجهني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق